التحويل بالعلامات متعددة البروتوكولات (Multiprotocol Label Switching MPLS)
قبل البدء اود الاشارة الى ان العرب اختلفوا في ترجمة كلمة (switching) فمرة ترجموها تحويل ومرة انتقال ومرة ربط وما يهمنا هو التعريف الفني او العلمي في مجال الشبكات ويقصد به نقل الرزم (packets) البيانات من جهاز شبكي الى جهاز شبكي اخر بين السويتشات خصوصاً وبقية الاجهزة عموماً.
وقد بدأ هذا المفهوم بتحويل الدائرة (circuit switching) الذي يقوم بأنشاء رابط فيزيائي ثابت بين أي نقطتين او عقدتين في الشبكة (end to end) يريدان الاتصال ومثال ذلك ما يحصل في الاتصالات الهاتفين ايام الهواتف المنزلية السلكية (traditional telephone calls).
ثم تطور المفهوم الى تحويل الرسالة (message switching) والذي يقوم بأنشاء رابط بين أي جهازين متتاليين وينقطع الرابط بعد ان تصل الرسالة الى الجهاز المقبل ويختلف هذا النوع من التحويل في انه يعمل بطريقة الحفظ والتوجيه (store and forward) أي ان كل عقدة في الشبكة تقوم باستلام الرزمة وحفظ نسخة منها وتوجيه النسخة الاصلية الى الهدف (الجهاز المقبل).
ويستمر تطور طرق التحويل فتظهر الطريقة الاكثر رواجاً ونجاحاً وشعبية وهي تحويل الرزم (packet switching) وتعد هذه الطريقة هي الاساس الذي بني عليه الانترنت حيث يتم تقسيم البيانات المراد ارسالها واستقبالها الى حزم ويتم ترقيه هذه الحزم وارسالها بشكل منفصل بحيث تسلك كل حزمة المسار الذي تراه مناسباً حسب ظروف الشبكة والمرور وحسب قرارات التوجيه التي يقوم بها الموجه (router) حتى تصل الى الهدف (الطرف الاخر من الشبكة) وهناك يتم اعادة تجميعها وترتيبها لتعود الى صيغتها الاولى وهو الامر الذي يوفر ميزة الاستغلال الامثل لموارد الشبكة ومرونة كبيرة في ايصال البيانات من مكان الى اخر في ظل ظروف عمل ديناميكية متغيرة كل لحظة ويعد الانترنت اليوم هو ابرز امثلة هذا النوع.
واخيراً وليس اخراً ظهر البروتوكول موضوع بحثنا والذي يعتبر حصيلة جهود كثيرة لدمج امكانيات الطرق السابقة كلها وتلافي سلبياتها ورغم ان تاريخ ظهوره يعود الى 1999 الا انه لم يطبق واقعياً الا حديثاً ويوفر هذا البروتوكول امكانية العمل كبديل ناجح للتوجيه الحالي (IP routing) حيث لم تعد قرارات توجيه الرزم معتمدة على حقول المعلومات الرأسية لكل رزمة (header information) والتي تضم عنوان الجهاز المرسل وعنوان الجهاز المرسل اليه وانما تعتمد قرارات التوجيه على علامات (labels) ترفق مع حزم البيانات وتقوم هذه العملية بزيادة سرعة عملية التوجيه لأن حساب القفزة المقبلة (next hop) لن يعتمد على البحث في جداول التوجيه وانما على العلامات البسيطة.
تعتبر كفاءة عملية التوجيه هي الفائدة الرئيسية لهذا البروتوكول حيث يعمل البروتوكول الجديد على تسهيل عمل روابط افتراضية (virtual links) بين العقد في الشبكة بغض النظر عن البروتوكول الذي قام بعملية رزم او كبسلة (encapsulation) البيانات.
من خصائص الطريقة الجديدة انها الية نقل بيانات قابلة للتوسيع عابرة للبروتوكولات وخصوصياتها (protocol agnostic).
في شبكات ال (MPLS) يتم اسناد علامات (labels) الى رزم البيانات وتعتمد قرارات توجيه البيانات بشكل اساسي على محتويات هذه العلامات التي توضع عادة بين المعلومات الرأسية للطبقة الثانية والطبقة الثالثة وتسمى عادة معلومات الطبقة (2.5) -وهو اصدق وصف للبروتوكول حيث يسمى بروتوكول الشبكات للطبقة (2.5)- وبدون الحاجة للدخول وفحص محتويات الرزمة نفسها مما يعني قابلية انشاء اتصال من نهاية الى نهاية اخرى (End to end) منطقي عبر أي وسط ناقل.
فرق جوهري:
الى هذه اللحظة قد لا يكون مفهوم ال (MPLS) واضحاً ولتوضيحه نقارن بين عمله وعمل التوجيه الاعتيادي ففي الشبكات التقليدية يقوم كل موجه (router) بعمليه التوجيه عن طريق ايجاد العنوان (IP lookup) في المعلومات الرأسية الخاص بكل رزمة (packet) لحساب القفزة المقبلة واستناداً الى معلومات جدول التوجيه (routing table) ويقوم الموجه بإبلاغ بقية الموجهات بقرار التوجيه الذي اتخذه لتقوم بقية الموجهات بتحديث جداول توجيهها.
اما في حالة وجود ال (MPLS) كميزة في الموجهات الحديثة فأن اول جهاز توجيه يقوم بعمله كما في السابق ولكن بدلاً من ايجاد مسار القفزة المقبلة (next hop) فانه يبحث عن اخر موجه قريب من الهدف ويجد المسار الى ذلك الموجه هنا (في العلامة التي يضيفها هذا البروتوكول في الموجه الاول) وتستمر الرزم من البيانات في الحركة في الشبكة متبعة المسار المرسوم لها مسبقاً وبدون عمل توجيه ويقوم الموجه قبل الاخير بإزالة العلامة وتوجيه رزم البيانات الى الموجه الاخير الذي يقوم بتوجيهها الى هدفها النهائي بشكل طبيعي بالاعتماد على معلومات جدول التوجيه خاصته.